القادري: التصوف ضروري لمواجهة تحديات وأمراض العصر

منير القادري

 

بمناسبة مشاركته السبت 01 يناير 2022 في الليلة الرقمية الخامسة والثمانين، المنظمة من طرف مشيخة الطريقة القادرية البودشيشية ومؤسسة الملتقى بتعاون مع مؤسسة الجمال، تناول الدكتور منير القادري بودشيش رئيس مؤسسة الملتقى ومدير المركز الأورو المتوسطي لدراسة الإسلام اليوم موضوع “التصوف ومواجهة تحديات العصر”.

وحسب المعطيات المتوفرة لطاقم “ما 5 تيفي” فإن منير القادري استهل أبرز خلال مداخلته ضرورة الاهتمام بالرأسمال المعنوي الروحي واللامادي من أجل تحقيق التقدم الاقتصادي، من خلال تكامل سائر مقومات الحياة الفكرية والاقتصادية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها مع البعد الروحي والأخلاقي.

وأبرز االمتحدث عواقب هذا الإقصاء من فقدان الإنسان لتوازنه واستقراره وأمنه الداخلي، واستفحال التطرف المادي الذي أضحى يغرق الكثيرين من الناس في طابور الملذات والاستهلاك الجشع بكل صوره وأشكاله، وانتشار التطرف الديني لأصحاب التدين المنغلق والفهم السطحي الحرفي الضيق للنصوص الدينية مما يؤجج نيران العنف والإرهاب في مختلف بقاع العالم ويزعزع الاستقرار والأمن والسلم والسلام.

و أكد في السياق ذاته أن الفكر الصوفي الذي يمثل الإسلام المعتدل وقيمه الروحية والأخلاقية هو إدانة صريحة لمثل هذا الانفصام المرضي والسلوك العدواني، وتابع أن الفكر الصوفي هو دعوة إلى الإنسان كي يعيش حياة سوية مطمئنة مع نفسه ومع محيطه الإنساني القريب والبعيد ومع الوجود بأكمله، مبرزا حاجة الإنسان إلى هذه المعاني خاصة في هذا العصر الراهن الذي تتقاذفه الأهواء والتطلعات المشوبة بالنزعة الفردية والأنانية واللامسوؤلية.

ودعا الدكتور منير إلى حتمية التواصل مع الآخر من أجل مستقبل مشترك من خلال العمل على الرجوع إلى القيم الروحية وأخلاق الإسلام، ونبه الى أن الغرب أصبح يعيش فراغا روحيا رغم الثروات الاقتصادية والتقدم العلمي والتكنولوجي بعد إفلاس القوى المادية وشعورها بالقصور في تحقيق السعادة للناس، واكد على ضرورة الرجوع إلى القيم الروحية والأخلاقية للإسلام كحل واقعي لحاضرنا المريض طلبا لغذ مشرق، لأن روح الإسلام وجوهره وغايته هي تحقيق التوازن بين المادة والروح وبين الدنيا والآخرة في زمن العولمة والاجتياح المادي.

وفي السياق الذاته نوه إلى الإقبال الذي لم يسبق له نظير على طلب التربية الروحية الأخلاقية التي تعمل الطرق الصوفية الأصيلة والعلماء العاملين على تجديد مناهجها وجعلها ملائمة لروح وفكر العصر ومقتضيات الحياة.

وبين العلاقة الوطيدة التي تربط بين التصوف والقيم الكونية الإنسانية مستشهدا ببعض تعاريف كبار العلماء للتصوف كالإمام الجنيد في كتابه “تاج العارفين” “التصوفُ هو التخلق بكل خلق سني وترك لكلِّ خُلق دني”، ليخْلُصَ إلى أن التصوف يشتغل على البعد الأخلاقي الإحساني الذي يمثل لب الإسلام و حقيقته وروحه.

وشدد على ضرورة المحافظة على هويتنا الثقافية والحضارية وعلى مشتركنا الثقافي العريق وسط الرياح العاتية الهوجاء للعولمة التي لا تعترف بثقافة الاختلاف والتنوع وتروم أن تزج بنا في قولبة ثقافية موحدة تحت شعاع الثقافة الشمولية الموحدة للعالم وتنسف ما عداها من الهويات الدينية والثقافية.

وقال إن الأمة الإسلامية مطالبة بمواكبة عصرها ومسايرة ركب التنمية الثقافية والإبداعية والإعلامية، داعيا الى إعطاء المزيد من الاعتناء والاهتمام بالمضامين التي تقرب بين الشعوب، أي ما يسمى بالديبلوماسية الثقافية، كما دعا الى التمنيع المتين ضد كل شكل من أشكال الاستلاب الثقافي والأخلاقي والحضاري، ولفت الى أهمية قيم الوسطية والاعتدال في درء مخاطر التطرف والعنف والإرهاب، وكذا قيم التفاعل الإيجابي المثمر مع عصرنا ومع محيطنا حتى نكون إيجابيين وفاعلين في تخليق الحضارة المعاصرة وأنسنتها.

تابعنا على Google news
شاهد أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

ما 5 تيفي نود أن نعرض لك إشعارات بأهم الأخبار والتحديثات!
Dismiss
Allow Notifications